علاج المس و الصرع
العلاج المحرم و العلاج المشروع
العلاج المحرم
1- الاستشفاء بطريقة الزار:
وهي تلك الحفلات التي يقيمها أهل الحال أو أهل الحضرة أو السحرة الذين يسمون في ثقافتنا الشعبية بالفقهاء أو "الشرفاء" والذين يدعون أن لهم حكماً على الجن واختصاصاً في إشفاء بعض الأمراض، وتكون في هذه الحفلة كل ألوان الشرك والفجور وتحيي هذه الحفلة فرق من كناوة أو عيساوة أو غيرهم ويبدأ الرقص والغناء على إيقاعات الفرقة، أثناء العزف تقوم بعض النساء فيبدأن في الجذب والرقص كاشفات شعورهن لابسات لباساً بعيداً عن الحشمة والوقار، ومنهن من تكون مرتدية ثياباً خضراء فقط على أساس أن الجنية "عيشة" تحب هذا اللون أو ثياباً حمراء لأن الجنية "ميرة" تحب هذا اللون...، وبعد فترة من الرقص يغمى على المرأة فيسأل الفقيه الجني أو الجنية عن رغبته وطلباته...،.
وهناك فكرة خاطئة عند من يعتقدون الشفاء بالزار وهي أنه بعد الحفلة سيشفى المريض شفاءاً تاماً وتعمه سعادة عارمة وهذا غلط وجهل تام بخبث الشيطان، ذلك أنه قبل أن يحضر المصاب الحفلة يقبض الجني على نفس المريض فيشعر بالقلق وضيق النفس والعياء والتعب والخمول ...، وعندما يرقص ويجذب في هذه الحفلة وقد يغمى عليه تحصل له حالة نفسية أخرى ويشعر بلذة نفسية وبهجة وسرور... لأنه أرضى الجني الذي يحب مزامر الشيطان ويحب الذبائح التي لم يذكر عليها اسم الله...، لكن ما تلبث أن تعود إليه هذه الأعراض من جديد ويبقى في دوامة لا يخرج منها إلا بالتوبة النصوح والالتزام بشرع الله.
2- الاستشفاء بزيارة الأضرحة:
إنه لمن المؤسف جداً ونحن في بلاد إسلامية أن نجد كثيراً من رموز الشرك، لها منابر ثقافية واقتصادية ودينية... سنوياً والناس يشدون الرحال إلى هذه الأضرحة طلباً للشفاء أو الرزق أو الزواج ...، وينفقون في سبيل ذلك الغالي والنفيس والله عز وجل الوهاب الرزاق أقرب إليهم من حبل الوريد، والضريح يقوم على ثلاثة ثوابت هي: التابوت والقبة والخلوة وهذا الضريح يعتبر مؤسسة اقتصادية لها مرافق تحدث رواجاً قطبه هذا الضريح سأقف عند كل من هذه الثوابت:
أ- القبة: وهي ذلك البناء المقوس من الأعلى ويوجد بداخلها التابوت، وهذه القبة قبل أن يدخل إلها المريض أو الزائر لا بد أن يجعل النية، اعتقاد الشفاء وخزائن الرزق في ذلك الضريح "التسليم" وأن يحضر معه الشمع "الضوء" وفي باب القبة يعطي الشموع لفقيه الضريح الذي يأخذ هذا الشمع ويعيده إلى صاحب الدكان ويضع ثمنه في جيبه لأن هناك اتفاقاً بين هذا الفقيه وبائعي الشموع لابتزاز الزائرين وذوي الحاجة والوقيعة بهم، ومن خلال علاقتي مع كثير ممن يمارسون العلاج بالقرآن للمصابين بالمس الشيطاني، كان الجن ممن يسلمون يكشفون عن بعض الأمور ومنها وجود مملكة من جن - في كل ضريح - منظمة تنظيماً محكماً يقوم بتسييرها عفريت فهو الملك أو الزعيم، وعلى باب القبة يقف شيطانان يسجلان أسماء الزوار والمرضى حتى يعودوا إلى الضريح وإلا أرسلوا إليهم جنداً من الشياطين تؤزهم أزًّا وتؤذيهم حتى يشدوا الرحال إلى ذلك الضريح ويموتوا على الشرك والعياذ بالله.
ب- التابوت: وهو عبارة عن هيكل من الخشب أو الحديد يوضع على قبر الميت ويكون مغطى بإزار أخضر أو أحمر على حسب اللون المفضل لتلك المملكة من الجن التي يريد ملكها تأسيس دين شبيه بالدين الإسلامي، حيث يطوف المريض بهذا التابوت سبعة أشواط كأنه يطوف بالكعبة المشرفة ويقبل أعتاب التابوت وأركانه كما يقبل الحاج الحجر الأسود، ثم يدخل رأسه في التابوت فيناجيه ويسأله الشفاء والرزق كأن يقول: "لقد جئتك قاصداً والمقصود هو الله وبما أن نورك متصل بنور الله فاشفني من مرضي فإن أنت شفيتني فلك كذا وكذا..." وقد يصلي ركعتين أمام الضريح كما يصلي الحاج في مقام إبراهيم ركعتين بعد طواف القدوم، وبعد ذلك يخرج المريض أو الزائر ذبيحة تذبح دون تسمية أو يسمي باسم الضريح أو يذكر اسم الله ولكن نيته منصرفة إلى الذبح لذلك الضريح كما يذبح الحاج الهدي في يوم عيد الأضحى وهذا كله شرك بالله عز وجل.
ت- الخلوة: وهي عبارة عن مغارة أو حفرة تحت الأرض وتكون مظلمة وكريهة الرائحة، والشياطين تحت الظلام لأنه أجمع لقوى الشر، وعندما ينزل المريض إلى الخلوة يغلق عليه بابها ويستغيث بالضريح كي يشفيه ويشعل بعض الشموع أو يرش الخلوة بماء الزهر والورد، ثم يصعد منها، وإذا كانت الحالة خطيرة كالمجنون الذي يضرب ويصرخ فإنه يغلق عليه في الخلوة ثلاثة أيام أو سبعة حتى يهدأ أو يشفى وهذا كله ضلال وشرك، فالمريض عندما ينزل إلى الخلوة وبه بعض الجن المتلبس به، يصعد منها ومعه عدد أكبر يزيدونه مرضاً إلى مرض حتى يبقى دائم الزيارة لذلك الضريح ويموت على الشرك، ومن المشهور عند العوام أن المريض الذي يشد الرحال إلى الضريح بعدما يقضي أيامه به يقف عليه "السيد" ويخبره بأنه قد شفي وعليه العودة إلى بيته، وهذا كله خبث ومكر من الجن، فالذي يقف عليه هو ملك الجان في تلك المملكة التي تتخذ من الضريح مركزاً، وهذا الملك الشيطان لا يظهر إلا لمن جعل نيته متعلقة بذلك الضريح، ويعتقد اعتقاداً جازماً أن الضريح هو الشافي الرزاق النافع...
3- النذر بالذبح لغير الله:
يقول ابن تيمية رحمه الله: {ومما يتقرب به إلى الجن الذبائح، فإن من الناس من يذبح للجن وهو من الشرك الذي حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم} البيان المبين في أخبار الجن والشياطين/ ص:83.، الذبح لغير الله محرم شرعاً، وهناك من يبادر إلى هذا الأمر بتلهف خاصة المرضى بالصرع لأن الجني يعد أهل المريض وعدا كاذباً بأنهم إذا قربوا له ذبيحة بصفات معينة فسوف يخرج منه أو يشفى، ولا يعرف هؤلاء المساكين أنه من صفات الشياطين الكذب الذي يجري في دمائهم، كما يجري الهواء العروق وهذا الذبح يكون إما طلباً للشفاء وإما إجلاء للجن من بيت جديد يبنى... فالأمر الأول يقوم فيه أهل المريض بأخذ الذبيحة المطلوبة من طرف الجني كذبيحة سوداء مثلاً، ويديرونها حول رأس المريض سبع مرات ثم يذبحونها دون تسمية ويلقون بها في ساحة بالضريح مخصصة للذبح أو في خلوة مظلمة...، وهذا الطعام يكون للشياطين لأنه لم يذكر اسم الله عليه والله سبحانه يقول: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ *﴾ سورة الأنعام، الآية:121.، والأمر الثاني أنه عند بناء بيت جديد، يقوم أهل هذا البيت بذبح ذبيحة زعماً بأن ذلك فيه طرد للجن بإرضائهم، ولكن هيهات فهذا ترحيب بالشياطين الباحثين عن بيت يعيشون فيه ويفرخون فيه والناس بجهلهم يرضونهم بالذبائح المحرمة.
وفي الثقافة الشعبية المغربية - فيما يتعلق بالذبح - يشتهر ما يسمى "بالحلو والمسوس" وهو عبارة عن ذبيحة مطبوخة بنوع من الأعشاب والأتربة. فالمسوس: هو أن الناس يأخذون على سبيل المثال دجاجة حية ويديرونها حول رأس المريض سبع مرات ثم يذبحونها دون ذكر لاسم الله، ويضيفون إليها أعشاباً معينة ونوعاً من التراب - دون إضافة ملح - ويكون مذاقها مراً بحيث لا يستسيغها المرء بل أكثر من ذلك يصاب الإنسان بالغثيان والقيء لرائحتها الكريهة، والجن تحب النجاسة والقذارة والأشياء التي لم يذكر اسم الله عليها، وبعد ذلك يأكل منها المريض فيشعر بنوع من التحسن لأنه أرضى الشيطان ونسي أن هذا الشيطان لا يشبع ويدفعه إلى الشرك، وهكذا سنوياً ينبغي عليه أكل هذه المحرمة لأن فيها شركاً وإلا أصابه ذلك الشيطان في جسمه وعلقه بنصب وعذاب.
4- الاستشفاء بالنذر لغير الله:
{النذر هو التزام قربة غير لازمة في أصل الشرع بلفظ يشعر بذلك مثل أن يقول المرء: لله علي أن أتصدق بمبلغ كذا، أو إن شفى الله مرضي فعلي صيام ثلاث أيان ونحو ذلك ولا يصح إلا من بالغ عاقل مختار} فقه السنة/ سيد سابق م:3 ص:120 ط:4 1983م.، وهو عبارة من العبارات المباح فعلها، والنذر لغير الله محرم شرعاً، وبعض المرضى بالمس ينذرون للأضرحة والجن والمشايخ، كأن ينذر المريض على نفيه للضريح إن شفاه فإن له ذبيحة أو صدقة ...، وكل هذا شرك بالله يؤدي بصاحبه إلى النار، وذلك كأن يقول المريض "يا سيدي فلان إن شفيت مرضي فلك كذا".
5- الاستشفاء بالقسم:
ومفاد هذه الطريقة أن يقوم الساحر الذي له عقد مع الجن أو الشيخ "الفقيه" المشرف على الضريح بالقسم على الجني الصارع بسيده وأميره من الجن وتهديده به حتى يخرج، وذلك أن الساحر الذي له عقد مع زعيم مملكة أو قبيلة من الجن تكون له قاعدة مشكلة من بعض الجنود "الشياطين" الذين أصبحوا في خدمة هذا الساحر بتخويل من العقل، وبواسطة هؤلاء الشياطين يتعرف الساحر على القبيلة التي ينتمي إليها الجني الصارع فيتقرب إلى زعيمها الذي يجبره على الخروج من المريض تحت وطأة التهديد أو ربما بدون تقرب إلى هذه القبيلة وبمساعدة هؤلاء الجنود يسجنه أو ينفيه إلى مكان معين، أما الشيخ "الفقيه" فإنه يقسم على الجني الصارع إن لم يغادر الجسم وإلا أحرقه بإعانة من الجن الذين يدين لهم ذلك الشيخ، وهذا كله شرك وكفر بالله عز وجل.
العلاج المشروع
إن العلاج بالقرآن الكريم والأدعية النبوية من المس والصرع يعتبر هو العلاج الذي شرعه الله عز وجل ودعا إلى الأخذ به لأن الأرواح الشريرة لا يطردها سوى الذكر والدعاء.
1-العلاج بالقرآن:
لقد أنزل الله سبحانه القرآن فيه شفاء للناس، يقول سبحانه: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ﴾ سورة الإسراء، الآية: 82.، وقوله عز وجل: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ ج﴾ سورة فصلت، الآية:43.، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل الرقية في علاج المصابين بالمس والجنون، ﴿عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي فقال: إن لي أخاً وجعاً، قال: وما وجع أخيك، قال: به لمم "جنون"، قال: اذهب فائتني به، قال فذهب فجاء به فأجلسه بين يديه فسمعته عوذه بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة وآيتين من وسطها ﴿إِلَهُكُمْ إِلَهُ وَاحِدٌ﴾ وآية الكرسي وثلاث آيات من خاتمتها وآية من آل عمران أحسبه قال: ﴿شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ وآية من الأعراف ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذِى خَلَقَ...﴾ الآية وآية من المؤمنين ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهاً ءَاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾ وآية من الجن ﴿وَأَنَّهُ تَعَلَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَحِبَةً وَلاَ وَلَدًا *﴾ وعشر آيات من أول الصفات وثلاث آيات من آخر الحشر و ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ *﴾ و المعودتين فقال الأعرابي: قد برأ ليس به بأس﴾ سنن ابن ماجه م:2 ص:1175 رقم:3549 كتاب الطب باب الفزع والأرق وما يتعد منه.، ولا بد في العلاج بالقرآن من توفر شروط في كل من المعالج والمريض حتى يتحقق الشفاء، يقول ابن القيم: {وعلاج هذا النوع يكون بأمرين أمر من جهة المصروع وأمر من جهة المعالج، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربة والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً، وأن يكون الساعد قوياً، فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل فكيف إذا عدم الأمران جميعاً، يكون القلب خراباً من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه ولا سلاح له، والثاني من جهة المعالج بأن يكون فيه هذان الأمران أيضاً حتى إن من المعالجين من يكتفى بقوله "اخرج منه" أو يقول "بسم الله" أو يقول "لا حول ولا قوه إلا بالله" والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اخرج عدو الله أنا رسول الله} زاد المعاد في هدي خير العباد/ ابن القيم م:2 ج:3 ص:84 دار الفكر.
2- العلاج بالأدعية:
يعتبر الدعاء من أمضى الأسلحة في علاج مرض المس وذلك بالالتجاء إلى الباري جل وعلا كي يكشف الضر عن صاحبه، يقول ابن القيم رحمه الله: {ودفع تأثيرها - الأرواح - يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها، وكلما كانت أقوى وأشد كانت أبلغ (...) وذلك بمنزلة التقاء جيشين مع كل واحد منهما عدته وسلاحه فأيهما غلب الآخر قهره وكان الحكم له، فالقلب إذا كان ممتلئاً من الله مغموراً بذكره وله من التوجهات والدعوات والأذكار والتعودات ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه كان من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له} زاد المعاد في هدي خير العباد/ م:2 ج:3 ص:105.، وكتب العلاج من المس الشيطاني مليئة بعرض الطرق الشرعية في علاج المس والوقاية منه بالتحصينات والتعويذات، وإن المصاب بالمس إذا توكل على الله واعتمد على نفسه واستعمل الطرق المثلى في العلاج شفي بإذن الله تعالى، بل أكثر من ذلك يمكن أن يعالج غيره من المس، فالمصاب بالمس ذكراً كان أو أنثى عليه أولاً أن يقوي شخصيته بنفسه ويسترجع ثقته بنفسه ولا يضعف، ويملأ قلبه بالإيمان وأن ما أصابه ما كان ليخطئه، لأن الرحى التي يدور حولها الجن هي بالوسواس أو التهويل والتحزين ...، ثم يتوجه بقلب خاشع إلى الله كي يصرف عنه السوء ويكشف عنه الضر، هذا من الناحية النفسية أما من الناحية العلمية فعلى المصاب بالمس أن يحدث حالة استنفار قصوى وذلك ب:
أ- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة.
ب- المحافظة على الأذكار والتحصينات النبوية في كل وقت وحين.
ت- يحافظ على قراءة القرآن خاصة السور التي فيها ذكر للجن وترهيب من العذاب.
ث- أن يأخذ إناءاً كبيراً من الماء ويقرأ فيه آيات الرقية والتي حددها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق ويضيف إليها آيات الشفاء الست وهي ﴿وَيَشْفِ صُدُرَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ *﴾ سورة التوبة، الآية:14.، ﴿وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ﴾ سورة يونس، الآية: 57.، ﴿يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنّاسِ ج﴾ سورة النحل، الآية:69.، ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ﴾ سورة الإسراء، الآية:82.، ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *﴾ سورة الشعراء، الآية:80.، "قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى وَشِفَاءٌ ج﴾ سورة فصلت، الآية: 44.، ويمكن أن يضيف ماء الورد أو الزهر إلى ماء القرآن، ثم يأخذ رشاش ماء ذي ثقب صغيرة ويملؤه بماء القرآن، ثم يرش جسمه ويدهنه به يومياً ويشرب منه كل يوم كلما أحس بالعطش، وإذا نفد الماء أعد ماءًا جديداً، وهنا أمران فإما أن يهرب الجني الذي بجسمه لأنه يرى سوط عذاب يصب عليه وتدخل نار العذاب أمعاءه - المتمثلة في ماء القرآن - وإما يتحدى ويصر على البقاء فيموت حرقاً، لأنه من المستحيل أن يبقى الجني في جسم الإنسان بعد الاغتسال والشرب من هذا الماء يومياً وملء القلب بالإيمان والمحافظة على التحصينات، لكن من الجن من يكون خبيثاً ماكراً ذلك أنه لا يقدر على البقاء في الجسم فيخرج منه باضطرار ويؤثر على الإنسان من خارج جسمه، ويوهم المصاب أن القرآن والتحصينات لم تنفع وأنه لا زال مريضاً وأن الجني لا زال متلبساً به، ويحاول هذا الجني تحطيم معنوياته، وسيلاحظ المريض أنه عندما يبدأ في استعمال هذه الطريقة أن المرض وحرارته قد زادت، وهذا طبيعي فالمريض يحارب الجني وهنا لا يجب على المريض أن يتسرب اليأس والإحباط إلى قلبه عليه أن يداوم على هذه الطريقة لأنها مجربة ونافعة جداً، وكلما تقوى إيمانه اتسعت دائرة نوره واحترقت وساوس ومكايد الشيطان وبهذا الأمر يتحقق الشفاء بإذن الله تعالى، وقد سئل الشيخ ابن العثيمين عن حكم قراءة القرآن الكريم في الماء فقال: {هذا أعظم ما يرقى به المريض فيقرأ الفاتحة مثلاً وينفث في الماء فإن هذا لا بأس به، وقد فعله بعض السلف وهو مجرب ونافع بإذن الله} فتاوى العلماء في علاج السحر والمس والعين والجن
منقول / مجموعة من العلماء.
العلاج المحرم و العلاج المشروع
العلاج المحرم
1- الاستشفاء بطريقة الزار:
وهي تلك الحفلات التي يقيمها أهل الحال أو أهل الحضرة أو السحرة الذين يسمون في ثقافتنا الشعبية بالفقهاء أو "الشرفاء" والذين يدعون أن لهم حكماً على الجن واختصاصاً في إشفاء بعض الأمراض، وتكون في هذه الحفلة كل ألوان الشرك والفجور وتحيي هذه الحفلة فرق من كناوة أو عيساوة أو غيرهم ويبدأ الرقص والغناء على إيقاعات الفرقة، أثناء العزف تقوم بعض النساء فيبدأن في الجذب والرقص كاشفات شعورهن لابسات لباساً بعيداً عن الحشمة والوقار، ومنهن من تكون مرتدية ثياباً خضراء فقط على أساس أن الجنية "عيشة" تحب هذا اللون أو ثياباً حمراء لأن الجنية "ميرة" تحب هذا اللون...، وبعد فترة من الرقص يغمى على المرأة فيسأل الفقيه الجني أو الجنية عن رغبته وطلباته...،.
وهناك فكرة خاطئة عند من يعتقدون الشفاء بالزار وهي أنه بعد الحفلة سيشفى المريض شفاءاً تاماً وتعمه سعادة عارمة وهذا غلط وجهل تام بخبث الشيطان، ذلك أنه قبل أن يحضر المصاب الحفلة يقبض الجني على نفس المريض فيشعر بالقلق وضيق النفس والعياء والتعب والخمول ...، وعندما يرقص ويجذب في هذه الحفلة وقد يغمى عليه تحصل له حالة نفسية أخرى ويشعر بلذة نفسية وبهجة وسرور... لأنه أرضى الجني الذي يحب مزامر الشيطان ويحب الذبائح التي لم يذكر عليها اسم الله...، لكن ما تلبث أن تعود إليه هذه الأعراض من جديد ويبقى في دوامة لا يخرج منها إلا بالتوبة النصوح والالتزام بشرع الله.
2- الاستشفاء بزيارة الأضرحة:
إنه لمن المؤسف جداً ونحن في بلاد إسلامية أن نجد كثيراً من رموز الشرك، لها منابر ثقافية واقتصادية ودينية... سنوياً والناس يشدون الرحال إلى هذه الأضرحة طلباً للشفاء أو الرزق أو الزواج ...، وينفقون في سبيل ذلك الغالي والنفيس والله عز وجل الوهاب الرزاق أقرب إليهم من حبل الوريد، والضريح يقوم على ثلاثة ثوابت هي: التابوت والقبة والخلوة وهذا الضريح يعتبر مؤسسة اقتصادية لها مرافق تحدث رواجاً قطبه هذا الضريح سأقف عند كل من هذه الثوابت:
أ- القبة: وهي ذلك البناء المقوس من الأعلى ويوجد بداخلها التابوت، وهذه القبة قبل أن يدخل إلها المريض أو الزائر لا بد أن يجعل النية، اعتقاد الشفاء وخزائن الرزق في ذلك الضريح "التسليم" وأن يحضر معه الشمع "الضوء" وفي باب القبة يعطي الشموع لفقيه الضريح الذي يأخذ هذا الشمع ويعيده إلى صاحب الدكان ويضع ثمنه في جيبه لأن هناك اتفاقاً بين هذا الفقيه وبائعي الشموع لابتزاز الزائرين وذوي الحاجة والوقيعة بهم، ومن خلال علاقتي مع كثير ممن يمارسون العلاج بالقرآن للمصابين بالمس الشيطاني، كان الجن ممن يسلمون يكشفون عن بعض الأمور ومنها وجود مملكة من جن - في كل ضريح - منظمة تنظيماً محكماً يقوم بتسييرها عفريت فهو الملك أو الزعيم، وعلى باب القبة يقف شيطانان يسجلان أسماء الزوار والمرضى حتى يعودوا إلى الضريح وإلا أرسلوا إليهم جنداً من الشياطين تؤزهم أزًّا وتؤذيهم حتى يشدوا الرحال إلى ذلك الضريح ويموتوا على الشرك والعياذ بالله.
ب- التابوت: وهو عبارة عن هيكل من الخشب أو الحديد يوضع على قبر الميت ويكون مغطى بإزار أخضر أو أحمر على حسب اللون المفضل لتلك المملكة من الجن التي يريد ملكها تأسيس دين شبيه بالدين الإسلامي، حيث يطوف المريض بهذا التابوت سبعة أشواط كأنه يطوف بالكعبة المشرفة ويقبل أعتاب التابوت وأركانه كما يقبل الحاج الحجر الأسود، ثم يدخل رأسه في التابوت فيناجيه ويسأله الشفاء والرزق كأن يقول: "لقد جئتك قاصداً والمقصود هو الله وبما أن نورك متصل بنور الله فاشفني من مرضي فإن أنت شفيتني فلك كذا وكذا..." وقد يصلي ركعتين أمام الضريح كما يصلي الحاج في مقام إبراهيم ركعتين بعد طواف القدوم، وبعد ذلك يخرج المريض أو الزائر ذبيحة تذبح دون تسمية أو يسمي باسم الضريح أو يذكر اسم الله ولكن نيته منصرفة إلى الذبح لذلك الضريح كما يذبح الحاج الهدي في يوم عيد الأضحى وهذا كله شرك بالله عز وجل.
ت- الخلوة: وهي عبارة عن مغارة أو حفرة تحت الأرض وتكون مظلمة وكريهة الرائحة، والشياطين تحت الظلام لأنه أجمع لقوى الشر، وعندما ينزل المريض إلى الخلوة يغلق عليه بابها ويستغيث بالضريح كي يشفيه ويشعل بعض الشموع أو يرش الخلوة بماء الزهر والورد، ثم يصعد منها، وإذا كانت الحالة خطيرة كالمجنون الذي يضرب ويصرخ فإنه يغلق عليه في الخلوة ثلاثة أيام أو سبعة حتى يهدأ أو يشفى وهذا كله ضلال وشرك، فالمريض عندما ينزل إلى الخلوة وبه بعض الجن المتلبس به، يصعد منها ومعه عدد أكبر يزيدونه مرضاً إلى مرض حتى يبقى دائم الزيارة لذلك الضريح ويموت على الشرك، ومن المشهور عند العوام أن المريض الذي يشد الرحال إلى الضريح بعدما يقضي أيامه به يقف عليه "السيد" ويخبره بأنه قد شفي وعليه العودة إلى بيته، وهذا كله خبث ومكر من الجن، فالذي يقف عليه هو ملك الجان في تلك المملكة التي تتخذ من الضريح مركزاً، وهذا الملك الشيطان لا يظهر إلا لمن جعل نيته متعلقة بذلك الضريح، ويعتقد اعتقاداً جازماً أن الضريح هو الشافي الرزاق النافع...
3- النذر بالذبح لغير الله:
يقول ابن تيمية رحمه الله: {ومما يتقرب به إلى الجن الذبائح، فإن من الناس من يذبح للجن وهو من الشرك الذي حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم} البيان المبين في أخبار الجن والشياطين/ ص:83.، الذبح لغير الله محرم شرعاً، وهناك من يبادر إلى هذا الأمر بتلهف خاصة المرضى بالصرع لأن الجني يعد أهل المريض وعدا كاذباً بأنهم إذا قربوا له ذبيحة بصفات معينة فسوف يخرج منه أو يشفى، ولا يعرف هؤلاء المساكين أنه من صفات الشياطين الكذب الذي يجري في دمائهم، كما يجري الهواء العروق وهذا الذبح يكون إما طلباً للشفاء وإما إجلاء للجن من بيت جديد يبنى... فالأمر الأول يقوم فيه أهل المريض بأخذ الذبيحة المطلوبة من طرف الجني كذبيحة سوداء مثلاً، ويديرونها حول رأس المريض سبع مرات ثم يذبحونها دون تسمية ويلقون بها في ساحة بالضريح مخصصة للذبح أو في خلوة مظلمة...، وهذا الطعام يكون للشياطين لأنه لم يذكر اسم الله عليه والله سبحانه يقول: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ *﴾ سورة الأنعام، الآية:121.، والأمر الثاني أنه عند بناء بيت جديد، يقوم أهل هذا البيت بذبح ذبيحة زعماً بأن ذلك فيه طرد للجن بإرضائهم، ولكن هيهات فهذا ترحيب بالشياطين الباحثين عن بيت يعيشون فيه ويفرخون فيه والناس بجهلهم يرضونهم بالذبائح المحرمة.
وفي الثقافة الشعبية المغربية - فيما يتعلق بالذبح - يشتهر ما يسمى "بالحلو والمسوس" وهو عبارة عن ذبيحة مطبوخة بنوع من الأعشاب والأتربة. فالمسوس: هو أن الناس يأخذون على سبيل المثال دجاجة حية ويديرونها حول رأس المريض سبع مرات ثم يذبحونها دون ذكر لاسم الله، ويضيفون إليها أعشاباً معينة ونوعاً من التراب - دون إضافة ملح - ويكون مذاقها مراً بحيث لا يستسيغها المرء بل أكثر من ذلك يصاب الإنسان بالغثيان والقيء لرائحتها الكريهة، والجن تحب النجاسة والقذارة والأشياء التي لم يذكر اسم الله عليها، وبعد ذلك يأكل منها المريض فيشعر بنوع من التحسن لأنه أرضى الشيطان ونسي أن هذا الشيطان لا يشبع ويدفعه إلى الشرك، وهكذا سنوياً ينبغي عليه أكل هذه المحرمة لأن فيها شركاً وإلا أصابه ذلك الشيطان في جسمه وعلقه بنصب وعذاب.
4- الاستشفاء بالنذر لغير الله:
{النذر هو التزام قربة غير لازمة في أصل الشرع بلفظ يشعر بذلك مثل أن يقول المرء: لله علي أن أتصدق بمبلغ كذا، أو إن شفى الله مرضي فعلي صيام ثلاث أيان ونحو ذلك ولا يصح إلا من بالغ عاقل مختار} فقه السنة/ سيد سابق م:3 ص:120 ط:4 1983م.، وهو عبارة من العبارات المباح فعلها، والنذر لغير الله محرم شرعاً، وبعض المرضى بالمس ينذرون للأضرحة والجن والمشايخ، كأن ينذر المريض على نفيه للضريح إن شفاه فإن له ذبيحة أو صدقة ...، وكل هذا شرك بالله يؤدي بصاحبه إلى النار، وذلك كأن يقول المريض "يا سيدي فلان إن شفيت مرضي فلك كذا".
5- الاستشفاء بالقسم:
ومفاد هذه الطريقة أن يقوم الساحر الذي له عقد مع الجن أو الشيخ "الفقيه" المشرف على الضريح بالقسم على الجني الصارع بسيده وأميره من الجن وتهديده به حتى يخرج، وذلك أن الساحر الذي له عقد مع زعيم مملكة أو قبيلة من الجن تكون له قاعدة مشكلة من بعض الجنود "الشياطين" الذين أصبحوا في خدمة هذا الساحر بتخويل من العقل، وبواسطة هؤلاء الشياطين يتعرف الساحر على القبيلة التي ينتمي إليها الجني الصارع فيتقرب إلى زعيمها الذي يجبره على الخروج من المريض تحت وطأة التهديد أو ربما بدون تقرب إلى هذه القبيلة وبمساعدة هؤلاء الجنود يسجنه أو ينفيه إلى مكان معين، أما الشيخ "الفقيه" فإنه يقسم على الجني الصارع إن لم يغادر الجسم وإلا أحرقه بإعانة من الجن الذين يدين لهم ذلك الشيخ، وهذا كله شرك وكفر بالله عز وجل.
العلاج المشروع
إن العلاج بالقرآن الكريم والأدعية النبوية من المس والصرع يعتبر هو العلاج الذي شرعه الله عز وجل ودعا إلى الأخذ به لأن الأرواح الشريرة لا يطردها سوى الذكر والدعاء.
1-العلاج بالقرآن:
لقد أنزل الله سبحانه القرآن فيه شفاء للناس، يقول سبحانه: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ﴾ سورة الإسراء، الآية: 82.، وقوله عز وجل: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ ج﴾ سورة فصلت، الآية:43.، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل الرقية في علاج المصابين بالمس والجنون، ﴿عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن أبيه قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي فقال: إن لي أخاً وجعاً، قال: وما وجع أخيك، قال: به لمم "جنون"، قال: اذهب فائتني به، قال فذهب فجاء به فأجلسه بين يديه فسمعته عوذه بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة وآيتين من وسطها ﴿إِلَهُكُمْ إِلَهُ وَاحِدٌ﴾ وآية الكرسي وثلاث آيات من خاتمتها وآية من آل عمران أحسبه قال: ﴿شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ وآية من الأعراف ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذِى خَلَقَ...﴾ الآية وآية من المؤمنين ﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهاً ءَاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾ وآية من الجن ﴿وَأَنَّهُ تَعَلَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَحِبَةً وَلاَ وَلَدًا *﴾ وعشر آيات من أول الصفات وثلاث آيات من آخر الحشر و ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ *﴾ و المعودتين فقال الأعرابي: قد برأ ليس به بأس﴾ سنن ابن ماجه م:2 ص:1175 رقم:3549 كتاب الطب باب الفزع والأرق وما يتعد منه.، ولا بد في العلاج بالقرآن من توفر شروط في كل من المعالج والمريض حتى يتحقق الشفاء، يقول ابن القيم: {وعلاج هذا النوع يكون بأمرين أمر من جهة المصروع وأمر من جهة المعالج، فالذي من جهة المصروع يكون بقوة نفسه وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربة والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً، وأن يكون الساعد قوياً، فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل فكيف إذا عدم الأمران جميعاً، يكون القلب خراباً من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه ولا سلاح له، والثاني من جهة المعالج بأن يكون فيه هذان الأمران أيضاً حتى إن من المعالجين من يكتفى بقوله "اخرج منه" أو يقول "بسم الله" أو يقول "لا حول ولا قوه إلا بالله" والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اخرج عدو الله أنا رسول الله} زاد المعاد في هدي خير العباد/ ابن القيم م:2 ج:3 ص:84 دار الفكر.
2- العلاج بالأدعية:
يعتبر الدعاء من أمضى الأسلحة في علاج مرض المس وذلك بالالتجاء إلى الباري جل وعلا كي يكشف الضر عن صاحبه، يقول ابن القيم رحمه الله: {ودفع تأثيرها - الأرواح - يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها، وكلما كانت أقوى وأشد كانت أبلغ (...) وذلك بمنزلة التقاء جيشين مع كل واحد منهما عدته وسلاحه فأيهما غلب الآخر قهره وكان الحكم له، فالقلب إذا كان ممتلئاً من الله مغموراً بذكره وله من التوجهات والدعوات والأذكار والتعودات ورد لا يخل به يطابق فيه قلبه لسانه كان من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له} زاد المعاد في هدي خير العباد/ م:2 ج:3 ص:105.، وكتب العلاج من المس الشيطاني مليئة بعرض الطرق الشرعية في علاج المس والوقاية منه بالتحصينات والتعويذات، وإن المصاب بالمس إذا توكل على الله واعتمد على نفسه واستعمل الطرق المثلى في العلاج شفي بإذن الله تعالى، بل أكثر من ذلك يمكن أن يعالج غيره من المس، فالمصاب بالمس ذكراً كان أو أنثى عليه أولاً أن يقوي شخصيته بنفسه ويسترجع ثقته بنفسه ولا يضعف، ويملأ قلبه بالإيمان وأن ما أصابه ما كان ليخطئه، لأن الرحى التي يدور حولها الجن هي بالوسواس أو التهويل والتحزين ...، ثم يتوجه بقلب خاشع إلى الله كي يصرف عنه السوء ويكشف عنه الضر، هذا من الناحية النفسية أما من الناحية العلمية فعلى المصاب بالمس أن يحدث حالة استنفار قصوى وذلك ب:
أ- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة.
ب- المحافظة على الأذكار والتحصينات النبوية في كل وقت وحين.
ت- يحافظ على قراءة القرآن خاصة السور التي فيها ذكر للجن وترهيب من العذاب.
ث- أن يأخذ إناءاً كبيراً من الماء ويقرأ فيه آيات الرقية والتي حددها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق ويضيف إليها آيات الشفاء الست وهي ﴿وَيَشْفِ صُدُرَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ *﴾ سورة التوبة، الآية:14.، ﴿وَشِفَآءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ﴾ سورة يونس، الآية: 57.، ﴿يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنّاسِ ج﴾ سورة النحل، الآية:69.، ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ﴾ سورة الإسراء، الآية:82.، ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *﴾ سورة الشعراء، الآية:80.، "قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدًى وَشِفَاءٌ ج﴾ سورة فصلت، الآية: 44.، ويمكن أن يضيف ماء الورد أو الزهر إلى ماء القرآن، ثم يأخذ رشاش ماء ذي ثقب صغيرة ويملؤه بماء القرآن، ثم يرش جسمه ويدهنه به يومياً ويشرب منه كل يوم كلما أحس بالعطش، وإذا نفد الماء أعد ماءًا جديداً، وهنا أمران فإما أن يهرب الجني الذي بجسمه لأنه يرى سوط عذاب يصب عليه وتدخل نار العذاب أمعاءه - المتمثلة في ماء القرآن - وإما يتحدى ويصر على البقاء فيموت حرقاً، لأنه من المستحيل أن يبقى الجني في جسم الإنسان بعد الاغتسال والشرب من هذا الماء يومياً وملء القلب بالإيمان والمحافظة على التحصينات، لكن من الجن من يكون خبيثاً ماكراً ذلك أنه لا يقدر على البقاء في الجسم فيخرج منه باضطرار ويؤثر على الإنسان من خارج جسمه، ويوهم المصاب أن القرآن والتحصينات لم تنفع وأنه لا زال مريضاً وأن الجني لا زال متلبساً به، ويحاول هذا الجني تحطيم معنوياته، وسيلاحظ المريض أنه عندما يبدأ في استعمال هذه الطريقة أن المرض وحرارته قد زادت، وهذا طبيعي فالمريض يحارب الجني وهنا لا يجب على المريض أن يتسرب اليأس والإحباط إلى قلبه عليه أن يداوم على هذه الطريقة لأنها مجربة ونافعة جداً، وكلما تقوى إيمانه اتسعت دائرة نوره واحترقت وساوس ومكايد الشيطان وبهذا الأمر يتحقق الشفاء بإذن الله تعالى، وقد سئل الشيخ ابن العثيمين عن حكم قراءة القرآن الكريم في الماء فقال: {هذا أعظم ما يرقى به المريض فيقرأ الفاتحة مثلاً وينفث في الماء فإن هذا لا بأس به، وقد فعله بعض السلف وهو مجرب ونافع بإذن الله} فتاوى العلماء في علاج السحر والمس والعين والجن
منقول / مجموعة من العلماء.